السياحة اصالة وحداثة
اليوم، وبعد مرور أكثر من أربعة آلاف وخمسمائة عام على تأسيس نابلس، ما زالت هذه المدينة تعج بالحياة وتزخر بالعديد من المواقع التاريخية والأثرية والسياحية التي تؤهلها لتصبح مركز جذب سياحي مرموق على المستويين الوطني والدولي. ومما لا شك فيه أن الزائر لمدينة نابلس وبمجرد وصوله إليها يستشعر عظمة الإرث الحضاري الذي خلفته مختلف الشعوب والحضارات التي استوطنتها وأقامت فيها على مر العصور، أهمها الحضارتان الكنعانية والرومانية. أضف الى ذلك أن بعض المواقع التاريخية في نابلس تعد حلقات هامة لدراسة وتحليل سلسلة الحقب التاريخية المختلفة التي مرت بفلسطين والمنطقة عموما، ومثال ذلك موقع تل بلاطة الذي يحتضن مدينة (شكيم) الكنعانية، والذي يعتبر رافدا أساسيا للمعلومات للباحثين والمؤرخين المهتمين بالحضارة الكنعانية في فلسطين والمنطقة المحيطة بها عموما، ومنطقة سبسطية التي تزخر بالآثار الرومانية والبيزنطية وغيرها، والتي وضعتها على رأس سلم المراجع التاريخية الحية للمنطقة برمتها.
وعلى صعيد السياحة الترفيهية، فإن نابلس تصنف ضمن مراكز الجذب السياحي في فلسطين نظرا لطبيعتها الجبلية الخلابة ومناخها المعتدل صيفا وشتاء. كما أن بلدتها القديمة التي تعج بالأسواق والمحلات التجارية تشكل عامل جذب أساسي للمتسوقين من مختلف محافظات الوطن ومن مناطق الداخل الفلسطيني الذين يتوافدون عليها للحصول على مختلف السلع، خاصة السلع الغذائية والأطعمة والحلويات النابلسية الشهيرة، التي تجتذب الزوار من كافة مناطق الضفة الغربية والداخل الفلسطيني الى نابلس لتذوقها وشرائها.
إن المقومات المذكورة آنفا تمنح نابلس فرصةً كبيرة لتجد لنفسها موطئ قدم على الخارطة السياحية الفلسطينية والدولية، ولكن تحقيق هذا الطموح يبقى مرهونا بعدد من التحديات التي تشكل الأوضاع السياسية المضطربة في فلسطين بعامة، ونابلس بخاصة، أحد أهمها بحيث تقف حجر عثرة أمام تقدم هذا القطاع وازدهاره.
وبالرغم من كل هذه المقومات التي من شأنها أن تمنح نابلس فرصا كبيرة لتكون إحدى المدن الرئيسية على المستوى السياحي في فلسطين، إلا أن القطاع السياحي في نابلس ما زال قطاعا بكرا، في حين تعد فرص نجاح الاستثمار في هذا القطاع كبيرة إذا ما رافق ذلك اهتماما وتضافرا للجهود من قبل مختلف الجهات المعنية.