الأوضاع السياسية للمدينة
أطلق على مدينة نابلس على مدى التاريخ لقب "جبل النار"، وهو اللقب الذي أطلقه عليها الثوار تقديرا لدورها في مقاومة الاحتلال، والتضحيات الكبيرة التي قدمتها على مدى تاريخ فلسطين المعاصر. وخلال فترة انتفاضة الأقصى التي اندلعت في أواخر العام 2000 وما تبعها من اجتياح إسرائيلي لمدن الضفة الغربية أواسط شهر نيسان من العام 2002، قدمت محافظة نابلس العديد من أبنائها جرحى وشهداء وأسرى ليكونوا بذلك قرابين على طريق النضال والتحرير بلغت نسبتهم ما يزيد على 27% من مجموع الشهداء الذين سقطوا في الضفة الغربية. وقد أمعنت سلطات الاحتلال الإسرائيلي في محاولتها للنيل من صمود سكان مدينة نابلس، فعمدت الى خنقها بحصار مشدد طالت يده كافة مناحي الحياة فيها، واستمر زهاء ثماني سنوات، مخلفا وراءه انهيارا شبه تام للنشاط الاقتصادي والتجاري، حيث أغلقت العديد من منشآتها الاقتصادية والصناعية والتجارية أبوابها، وفقد عدد كبير من أبنائها وظائفهم جراء هذا الحصار الظالم الذي حول حياة سكان نابلس الى جحيم لا يحتمل، إلا أنه لم يحقق ما كانت تصبو اليه سلطات الاحتلال الاسرائيلي في النيل من عزيمة سكان المدينة وتمسكهم بحقهم في النضال ومقاومة الاحتلال. وحسبما نصت عليه اتفاقية أوسلو الانتقالية الموقعة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي عام 1993، فقد كان من المفترض أن يتم نقل صلاحية السيطرة على أراضي الضفة الغربية إلى السلطة الوطنية الفلسطينية، إلا أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي أمعنت في حصارها وقتلها للإنسان الفلسطيني والإدارة الفلسطينية واستمرت محافظة نابلس في مقاومتها للاحتلال وقدمت كافة القرى والتجمعات السكنية التضحيات الجسام، ونالت سلطات الاحتلال الإسرائيلي من الأرض والإنسان، وقامت بتقطيع أوصال محافظة نابلس إلى مناطق أ، ب، جـ. إذ بلغت نسبة المناطق المصنفة (أ) والتي انحصرت بمدينة نابلس فقط حوالي 1.5% من مجمل مساحة المحافظة، بينما بلغت نسبة المناطق المصنفة (ب) والتي تضم جميع القرى والبلدات الصغيرة في المحافظة حوالي 20.5%، أما المناطق المصنفة (جـ)، فقد وصلت نسبتها إلى 78% من مجمل أراضي المحافظة. وتضم هذه المنطقة الأراضي الزراعية والجبلية والتي خصصت لإقامة المستوطنات ومعسكرات الجيش الإسرائيلي لتمنح الجانب الإسرائيلي السيطرة الكاملة على الشؤون الأمنية والمدنية في هذه المنطقة. لقد التهم سرطان الاستيطان الخبيث آلاف الدونمات من أراضي قرى محافظة نابلس والتي صودرت من أصحابها الفلسطينيين بالقوة ليقام عليها العديد من المستوطنات الإسرائيلية وتوطين ما يقارب 12,000 مستوطن. إن وجود هذه المستوطنات على أراضي محافظة نابلس يشكل تهديدا مباشرا على حياة المواطنين ومحاصيلهم وممتلكاتهم نتيجة للاحتكاك اليومي بسكان المستوطنات المستعمرات. ويتجلى ذلك بشكل واضح في موسم قطف الزيتون الذي يشهد الكثير من حوادث مصادرة المحاصيل أو اقتلاع لأشجار الزيتون أو منع المواطنين من الوصول إلى أراضيهم.